اقرأ ثلاث: وحيدا ومع صديق وفي الملأ


ما الكتاب الذي تحمله الآن؟

قرأت كثيرا أكثر مما كنت اظن اني قادر على قراءته، لكني انسى وهذا لا يزعجني، لذلك فكرت في قراءة ما استطيع قراءته مرة أخرى، ستحفر الكلمات طريقها وتحاول أن تبقى لوقت أطول. لذلك اقرأ الكتاب لوحدي، واقرأ الكتاب نفسه مع أحد الأصدقاء، وأيضا مع مجموعة قرائية.

والقراءة الجماعية تتجاوز حدود الكتاب، إذ أن تجارب الاخرين تجعل للكتاب يدين وقدمين، نتشارك الدهشة فالأفكار التي يحملها الكتاب أبسط من عقولنا المجتمعة.

عندما اقرأ وحدي، اقلب الكتاب، اقرأ بعض الأسطر بلا تركيز ولا أعود لها قائلا لنفسي إن كان المؤلف يرى أن فكرته مهمه فعليه أن يكررها في الصفحات القادمة، عليه أن يكون مجتهدا لاتمكن من فهم ما يريد دون أن ابذل مجهود في التركيز.

وحين اقرأ مع صديق فالأمر يشبه أن نلتقي في بيت المؤلف، نتأمل كل شي ونبعثر المكان، نشير بأصابعنا على الجدران ونرفع اللوحات لنرى ماخلفها، ندخل المطبخ ونبحث عن كوب لنشرب ولا نشرب، نبعثر الأفكار ثم نخرج معا مستمتعين بالزيارة التي لا يدري مؤلفها أننا بعثرنا المكان ورأيناه كما نريد لا كما يريد.

عندما اقرأ الكتاب نفسه مع مجموعة قرائية يبدو الأمر مختلفا ومبهجا ومربكا. في المجموعات التي أكون مسؤولا عن إدارة النقاش ينتابني احساس اني اُدخلهم في عقلي، ارتب المكان وانفض عنه الغبار أحاول جاهدا أن أكون المؤلف، وأن افهم ماذا يريد، أقرأ الكتاب عدة مرات، واسمعه صوتيا، ثم ابحث عن مؤلفاته الأخرى لأرى كيف بدأ وكيف وصلنا إلى كتابه المُختار. أحب الحضور قبل موعد النقاش وانظر إلى عقرب الساعة شاعرا بالفخر حين ابدأ بالدقيقة المحددة دون تأخر. ولا اخفي حقيقة أن الجانب الأكثر متعة حين أكون ضمن المتفرجين الصامتين أو المشاركين في المجموعات القرائية بكلمات مقتضبة. وكاني احسب رصيد كلماتي ولا استطيع تجاوزها حتى لا أكون ثرثار.

أين نجد المجموعات القرائية المناسبة؟

في كل مكان على الشبكة وعلى سطح الأرض يمكنك القيام بذلك، اكتب كلمة البحث المناسبة وستجد عشرات الاختيارات، وعلى أرض الواقع ستجد الأصدقاء أو رواد المكتبة مع مواعيد النقاش الدورية التي تقوم بها مكتبة الحي والنادي القريب من بيتك، أو أن تقوم أنت بذلك وتصنع عالمك القرائي وتدعو من استطعت من الرفاق حتى وإن كانوا صامتين أو لم يجدوا الوقت الكافي لقراءة الكتاب الذي تم ترشيحه.

ماذا نقرأ في المجموعة القرائية؟

  • كتب ثقيلة لا يمكن للفرد ان يقرأها لوحده، يحتاج من يمسك يده، يخطو معه رحلة الألف صفحة وصفحة.
  • كتب خفيفة جدا لمن يرغب في أن يكون قارئ لكنه لا يجد الوقت ولا يستطيع الاستمتاع حين يرى أن عدد الصفحات كثير، وأن موعد النقاش قريب جدا.
  • كتب مشهورة مثل: الكتب الفائزة بجوائز محلية أو عالمية، وهي من الكتب التي يتقاطع معها القراء القدامى مع القراء الجدد. في أرض محايدة يمكن أن يتبادل فيها الناس النقاش دون الشعور بانهم غرباء في عالم الكتب.

ماذا يقول الناس أثناء النقاش؟

  • هذا أجمل كتاب قراءته هذا العام.
  • من اختار كتاب هذا الشهر؟ لماذا لا يتم اختيار كتاب مفيد؟
  • اعتذر عن النقاش الوقت غير مناسب.
  • قرأت الكتاب قبل سنتين ولا اذكر محتواه الا أنه كتاب جيد.
  • كتاب ممل لم استطع اكماله.
  • الكلام مكرر كان يمكنه اختصار الكتاب في صفحة واحد.
  • رائع وانصح بقراءته.
  • الترجمة لم تنصف الكاتب، قرأت الكتاب باللغة الأصلية جميل ومترابط.

ماذا عنكم هل لديكم مجموعات قرائية؟ كيف يبدو شكلها؟ وهل هي على قيد الحياة أم انها في وضع كامن ولا بلا حراك!

وأخيرا

احصائيات الموقع تخبرني أن مجموع الكلمات أعلاه ٥٠٠ كلمة، وقراءتها تستغرق ٣ دقائق، فلماذا لم اكتبه في ثلاث دقائق؟ ولماذا امضيت ساعات في محاولة الانسكاب ولم استطع، والأيام تلو الأيام للعودة إلى هنا؟ وامضيت أشهر حضنت بعضها لتصبح عام؟

فبراير: كل يوم كتاب

عناوين الكتب وروابط الاستماع لبعضها موجود في نهاية المدونة

الثلاثاء 1 فبراير 2022

❞ “يخشى الكثيرون السعادة. بالنسبة إليهم، هذه الكلمة تعني تغيير جزء من عاداتهم، وخسارة هويّتهم.‏

⁠‫‏“غالباً ما نعتقد أنفسنا غير جديرين بالأشياء الحَسَنة التي تحصل لنا. لا نتقبّلها لأننا، إنْ فعلنا، سيعترينا الشعور بأننا مَدينون لله.‏

⁠‫‏“نفكّر: الأفضل ألّا نذوق كأس الفرح وإلا، متى فرغت سنعاني المر. وخشية أن نصغر ننسى أن نكبر. وخشية أن نبكي ننسى أن نضحك ❝

باولو كويلو

وقال أيضا “إن سعادة الواحد لا تعني تعاسة الآخر“. هذا حقيقي وغير حقيقي هناك مساحة شعورية بين الحالتين، عندما أكون سعيدا لسبب ما، سأحاول جاهدا أن لا أضحك أو أقهقه أمام شخص يتمنى سعادتي هذه، لأنه يريدها ولأني لا استطيع أن أهبها له. لا أود أن يكون تعيسا وإن تظاهر بعكس ذلك. ألاحظ أني أفكر بحالة أخرى لا يقصدها الكاتب، وهذا يُذهب الفكرة التي يود الوصول إليها، لا أكف عن ذلك، سأحاول ذلك في المرات القادمة أن لا أفعل.

قال أحد الطلاب المبتدئين: “ما يجدر بي أن أفعل لأرضي الله؟” هذا سؤالي الذي لازمني سنوات طويلة وتخليت عنه في بدايات هذا العالم، واصبحت أخجل من هذا السؤال واتساءل وأنا مرتعش وخائف من معرفة الإجابة: هل تحبني يا الله؟ هل تحبني؟

الأربعاء 2 فبراير 2022

“كل ظاهرة على الأرض ليست سوى استعارة، وكل استعارة عبارة عن بوابة مفتوحة يمكن أن تجتازها الروح – إن كانت على استعداد – إلى باطن العالم، حيث يكون أنا وأنت، والليل والنهار، شيئًا واحدًا.
وإلى هذه البوابة المفتوحة، يأتي الإنسان أثناء حياته، ويصادفها هنا وهناك في طريقه، وما من إنسان إلا وقد خطر له ذات مرة أن كل ما هو مرئي لا يعدو أن يكون استعارة، ووراء هذه الاستعارة تحيا الروح، والحياة الأبدية.”

هرمان هسّه

الخميس 3 فبراير 2022


إذا أحببنا شيئاً أزليا لا متناهيا، فحبنا هذا سيملأ أنفسنا بهجة خالصة من كل حزن، فيكون خليقا بأن نرغب فيه و نشتاق إليه بكل قوانا، على عكس حبنا للأشياء الفانية، ولكن مهما كان ادراكي لما تقدم ادراكا واضحاً، فإني لم استطع بعد ان اتخلى تماما عن الخيرات المادية وعن الملذات والمجد

سبينوزا

الجمعة 4 فبراير 2022

“كان هناك شخص واحد يمكنه أن يفهمني، لكنه كان بالتأكيد، الشخص الذي قتلته”.

إرنستو ساباتو

السبت 5 فبراير 2022

ما أجمل أن يهبنا الله الزمن الذي لا يدوم فيه شيء، كل شيء يمضي ثم يصبح ذكرى. أشد الآلام تتحول إلى مقالة طريفة تروى وأحاديث حول فنجان شاي.

أليست حياتنا معجزة.

مصطفى محمود

الأحد 6 فبراير 2022

ما نراه ف الواقع ليس دائما حقيقه حتى ما نراه رأي العين و نلمسه لمس اليد.

مصطفى محمود

الاثنين 7 فبراير 2022

أحب كثيرا مشهد البشير الذي ألقى القميص على سيدنا يعقوب فارتد بصيرا، واتمنى دائما أن أكون مثله، أن أقوم بالخطوة الأخيرة السعيدة.

الثلاثاء 8 فبراير 2022

أعد الأصوات التي أصافحها كل يوم، أظهر لهم القليل مما أخفيه، أحبهم كثيرا، أحبهم جدا. إن تكراري عبارة: “سررت بسماع صوتك” لا تعني عادية حدوثها وإنما أعي معجزة تكرارها. لم أكن أتصور أن هذا هو ما أقوم به منذ خمس سنوات حتى اللحظة. مصافحة أصوات لا وجوه لها، أتعجب لماذا لم أهرب من ذلك. رغم أنها عادتي في التوقف عن كل شيء أجيد فعله، حين أحصل على الثناء، أركض لمكان آخر وأبدأ من جديد.

الاربعاء 9 فبراير 2022

لستُ سيئا كما أظن، ولست رائعا كما يرى الآخرين.

الخميس 10 فبراير 2022

يتكلم كثيرا، تقريبا لا يصمت. أركز في البداية ثم افقد نفسي بعد مرور الكلمة السادسة. اترك المكان اخرج من النافذة وأعود من الباب. اخبره أني فقدت تركيزي والآن عاد، كنت تخبرني عن قوانين اللعبة؟ يعيد حديثه بنفس الحماس فافقد تركيزي مرة أخرى بعد الكلمة الثانية، هذه المرة أتبخر ألمس السقف وأهطل، أشعر أني مبلل بفكرة واحدة: ماذا عليّ أن أفعل؟ أريد أن أكون حاضرا أريد حقا أن أفعل ذلك، فلماذا لا استطيع؟ يمد يده نحوي: نبدأ اللعب؟ أقفز من مكاني مُجيبا بكل سرور، لكن لم ألعب من قبل احتاج توجيهك في كل خطوة. ونلعب فأفوز عليه!

الجمعة 11 فبراير 2022

لم أرد استفزازه كأن أقول مثلا

لم افهم! وفضلت الخرس،

وصلني ماقاله ولكني لم افهمه،

فكثرة المعلومات لا تؤدي إلى الفهم**

حسين البرغوثي

السبت 12 فبراير 2022

شخص منضبط مثلي يعمل كالساعة ينفذ الأوامر. يضحكني ذلك حين اتخيل أني لستُ أنا، بل ويزعجني هذا الانضباط الآلي واتساءل لماذا لا يكون هذا الشخص انسان ولو لبضع دقائق؟

الأحد 13 فبراير 2022

سينتصف الشهر قريبا واشعر أن الوقت أنطوى بشكل سريع دون أن أشعر، وهذا شيء جيد؟ أليس كذلك؟ حين يمضي الوقت دون أن تدري لأنك منغمس في أمر تحبه، وماذا أحب؟ كل شيء حولي أحبه، وكل ما لم أسعى لنيله ونلته رغم ذلك أحبه.

الاثنين 14 فبراير 2022

كيف نتخفف من الحياة؟ وكيف نثقلها حتى لا نطير.

وللناس مذاهبهم المختلفة فى التخفف من الهموم والتخلص من الأحزان، فمنهم من يتسلى عنها بالقراءة، ومنهم من يتسلى عنها بالرياضة، ومنهم من يتسلى عنها بالاستماع للموسيقى والغناء، ومنهم من يذهب غير هذه المذاهب كلها لينسى نفسه ويفر من حياته الحاضرة وماتثقله به من الأعباء .

طه حسين

الثلاثاء 15 فبراير 2022

يشغلني التفكير في حاسة البصر، ضعفه واختفاؤه. ماشعور من فقد النور بعد أن عرف ألوان الحياة؟ وكيف يعيش من لا يعرف معنى الضوء مُطلقا؟ لم أُخاطب أعمى ولا اعرف أيّ أحد. اذكر سيدة واحدة صافحتها مرتبكا قبل عدة سنوات، كانت تبتسم أغدقتني بالسؤال عن الحال وإن كنت مرتاح، اسألها بدوري وأنتِ؟ فتحمد الله ونغرق في الصمت.

أحس أن لغيره عليه فضلا. وأن إخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع. وينهضون من الأمر ما لا ينهض له. وأحس أن أمه تأذن لإخوته في أشياء تحظرها عليه. وكان ذلك يُحْفِظه. ولكن لم تلبث هذه الحفيظة أن استحالت إلى حزن صامت عميق؛ ذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به. فعلم أنهم يرون ما لا يرى.

طه حسين

الأربعاء 16 فبراير 2022

جلّ ما اتذكره حين أنغمس في عمل ما، هو لحظات دوراني حول الكعبة ورفعيّ ليدي ثم بقائي صامتا، لم أكن أدري ما أقول، اسمع الناس حولي فأردد: آمين لكل دعواتهم يالله. فأعود وأصمت مجددا. الآن وأنا بعيد عن مكة يدور ذهني هناك واتذكر صمتي، وتكبير من حولي، ظهوري على شاشات الآخرين، الذين يوثقون وجودهم بهواتفهم. أنا هناك في أجهزة الذين لا اعرفهم، لكني قلت آمين من أجلهم.

الخميس 17 فبراير 2022

افهم فكرة الكسوف حين يقف القمر بين الشمس والأرض ويحجب ضوء الأولى فلا نستطيع رؤيتها. ما لا استطيع استيعابه هو الخسوف أين يذهب ضوء الشمس؟ لماذا تصبح قاتمة حين تكون بيننا؟ أين يذهب ضياؤها؟

الجمعة 18 فبراير 2022

يعرف البشر أنهم سيموتون، ومع ذلك نفزع حين يحدث ذلك! نتجلد ونتصبر ثم يستيقظ موت الآخرين فينا دفعة واحدة، يحتشد في الصدر وجوه الأموات الذين رحلوا منذ زمن. أحاول تفرقة الجمع من صدري وأخبرهم أني سأنضم إليهم، أنا قادم ولا أدري متى، ربما اليوم، أو غدا؟

السبت 19 فبراير 2022

لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ

سورة يس

الأحد 20 فبراير 2022

ماذا لو تأخرت الشمس في شروقها ساعة إضافية لأنام؟ أو تأخرت في غروبها لأكمل بعض المهام؟ لماذا لا تأبه عقارب الساعة وتدور دون أن تنتظر ولو لبرهة؟

الاثنين 21 فبراير 2022

استطيع أن اعيش لمدة شهرين على الثناء اللطيف

مارك توين

واستطيع أن اعيش عمرا كاملا على قطعة كبيرة كل صباح من الخبز الدافئ وكوب دافئ من الحليب.

الثلاثاء 22 فبراير 2022

غارق تماما ولا أشعر بأيّ رغبة في مد يدي للأعلى. أغمض عيني، أقفل حواسي ما استطعت. ارسم بيدي خطوطا مستقيمة على الأرض ثم أمحوها، ارسم دوائر فتعجبني واتركها. ارسم دائرة داخل الدائرة، ارسم دائرة أصغر فأصغر حتى أصل إلى نقطة وأفكر كيف أضع نقطة داخل النقطة؟

الأربعاء 23 فبراير 2022

انتظر وصول بريد ورقي منذ شهرين لم يصل حتى هذه اللحظة. يتيح لي موقع البريد تتبع الشحنة ومعرفة الوجهة القادمة منها، في خانة الوزن مكتوب: 0 كيلو، اتعجب إن كانت بهذه الخفة فلماذا لم تتمكن من الوصول؟ يتواصل معي موظف البريد يسألني إن كنت أريد استلام الشحنة. فأجيبه نعم أرغب بذلك، فيكمل قائلا: نعمل على ذلك ستصل الشحنة قريبا! أفكر قريبا متى؟ بعد خمس دقائق؟ بعد شهرين إضافيين؟ حين يزيد وزن الشحنة؟ تكسب جرامات تمكنها من السير وحدها ولا تخاف أن تطير بها نسمة الهواء! سأفتح النافذة ربما أتت بها الطيور، لكن الطقس بارد.

الخميس 24 فبراير 2022

وصل البريد بعد غروب شمس الأمس، إنها المرة الأولى التي تصلني رسالة ورقية من دولة أخرى. شعور غامر بالامتنان، لي صديق في مكان بعيد لا اعرف الكثير عنه، لكني اتمنى له الخير ويتمنى لي ذلك.

الجمعة 25 فبراير 2022

ولكن ذاكرةَ الأطفال ضعيفة. أو قل إن ذاكرة الإنسان غريبة حين تحاول استعراض حوادث الطفولة. عندها يكون بعض هذه الحوادث واضحاً جلياً كأن لم يمضِ بينها وبين الوقتِ شيءٌ. ثم يُمحى منها بعضُها الآخر كأن لم يكن بينها وبينه عهد.

طه حسين

السبت 26 فبراير 2022

إن الكثرة تحمل معها صعوبة الإلمام بكل التفاصيل. والندرة تحمل معها عين فاحصة مدققة.

الأحد 27 فبراير 2022

مُعجزة الاستيقاظ في تمام الساعة ٨ صباحا دون منبه!

الاثنين 28 فبراير 2022

يخبرني بكل حماس أنه يعرف إن كانت الحشرة ميتة دون أن يقترب منها. اسأله بفضول وكيف تعرف ذلك؟ قال: عندما يكون مستلقيا على ظهره. إنه لم يتجاوز الخامسة من عمره لكنه ابتسم وهو يكمل مستفسرا وكيف نعرف أن الناس ماتوا دون أن نلمسهم؟


  • قصص قصيرة: مكتوب للروائي البرازيلي باولو كويلو

مجموعة كثيرة من القصص المتتابعة بلا فاصل ولا عنوان، قصة تتلو قصة، وحين أسهو أجد نفسي في قصة مختلفة ولا أدري كيف انتهت القصة الأولى. يتحدث باولو عن المعلمين وبحث الناس عن الحقيقة وعن الإيمان ومعنى اليقين.

  • قصة قصيرة: أحلام الناي للأديب الألماني هرمان هسّه للاستماع صوتيا للقصة على يوتيوب

يعطي الأب ابنه الناي ويطلب منه السفر حول العالم واشترط أن يغني أغنيات سعيدة فقط.

  • كتاب فلسفي: رسالة في إصلاح العقل- للفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا للاستماع للكتاب صوتيا على يوتيوب

عن رسام أصيب بالجنون لأنه لم يتمكن من التواصل مع أحد، حتى مع المرأة التي يبدو أنها فهمته من خلال الرسم

  • قصة قصيرة: غارة المخبز الثانية – للروائي الياباني هاروكي موراكامي للاستماع للقصة على يوتيوب

جائع هو وزوجته في منتصف الليل ليقررا السرقة. انسجمت مع تفاهه الأحداث، احببت الحوارالطويل بين الزوجين وخطتهم المُرتجلة لسرقة ماكدونالدز.

  • قصةٌ قصيرة: الدولاب للروائي الإيطالي ألبرتو مورافيا للاستماع على يوتيوب

تبدأ القصة عن امرأة تخبرنا أنها قتلت زوجها بالخطأ. وتتحدث عن ماضيها واندفاعها في مشاعرها.

  • مجموعة خطب مسجلة: النباهة والاستحمار للمفكر الإيراني علي شريعتي 

للاستماع صوتيا للقصة على يوتيوب. مراجعة كرتونية للكتاب على يوتيوب

  • قصة قصيرة : الحديقة السرية نقاء الأب براون. للكاتب الانجليزي جلبرت كيث تشسترتون للاستماع صوتيا على يوتيوب

الكتاب على هنداوي: هنا

  • كتاب: الشيطان يحكم. للمفكر المصري مصطفى محمود يمكنك الاستماع للكتاب صوتيا على يوتيوب

مجموعة مقالات تدور حول مواضيع يعيشها الانسان في السبعينات ومناسبة للعصر الحالي.

  • كتاب: الهشاشة النفسية لماذا أصبحنا أضعف وأكثر عرضة للكسر‎. للكاتب المصري اسماعيل عرفة

يشبه أن تقابل نفسك وترتب مايحدث حولك الآن، الكتاب غير معتمد على دراسة علمية أو مرجعية دينية، وأنما قراءة للواقع، واستدلالات من أحداث حالية، عن التطبيقات التي نستخدمها الان وبين أيدينا مثل: فيس بوك، تويتر، المدونات. عن اهتمامنا برأي الآخرين، ومحاولة حصد الإعجاب وإن اضطررنا للمجاملة ومحاولة كتابة مايصلح للجميع دون أن نغضب أحد!

  • رواية: نحن الكذابون لإ. لوكهارت

الرواية على لسان فتاة تتذكر أحد إجازات الصيف مع اصدقاءها الثلاث، شعرت بالملل لكني اكملت القراءة واعجبتني النهاية.

  • كتاب فقه: ذوق الصلاة لابن القيم ٩٦ صفحة
  • كتاب عن العلاقات: لغات الحب الخمس لجاري تشابمان
  • كتاب ديني: إلى الظل قوانين الحياة لعلي الفيفي
  • قصة رعب: رسائل الموت من مجموعة قصصية اسمها أكواريل لأحمد خالد توفيق للاستماع صوتيا للقصة على يوتيوب
  • سيرة ذاتية: الأيام لطه حسين. يمكن قراءة الكتاب مجانا على موقع هنداوي انهيت ٥٠٪ منه
  • قصة رعب: أصوات من الفضاء لاحمد خالد توفيق للاستماع صوتيا للقصة على يوتيوب

يناير| تشرق الشمس عندما تفتح عينيك

السبت 1 – 1 – 2022

أقف متأملا من أعلى قمة في البيت، كل شيء هاديء ومُستقر كما عهدت واعتدت. ثم أرى من بعيد موجة ماء سريعة ومقبلة نحوي، تحمل معها كل من كان في طريقها، ألمح برعب شاحنات ضخمة وفروع أشجار وأيدي ناس بلا رؤوسهم!  أدير لها ظهري محاولا الهرب، سأغرق سأغرق سأغرق، تتسارع نبضات قلبي، تلمس أكتافي موجة الماء وكأنها سوط، فاستيقظ فزعا من نومي!

اتنفس بعمق، ممتن للهواء حولي، سعيد بجفاف المكان، بأن اليابسة ماتزال جافة، ولا يوجد أيّ قطرة ماء حتى في فمي، اشرب الكثير  وأحمد الله أننا لا نغرق حين نشرب.

الأحلام ما الأحلام؟ أهي مخاوفنا؟ أم محاولة الدماغ انقاذ نفسه، في صنع صورة مؤقتة ليستيقظ الشخص من نومه ملبيا احتياجاته لأنه كان نائما بوضع غير مريح؟

ــــــــــــــ

الأحد 2 – 1 – 2022

ما اللحظة التي لم تعد الدنيا بعدها كالسابق؟ موت من حولك؟ أو ولادة طفل في العائلة؟ أم هي المواقف الصغيرة التي تسير سريعا إلى الماضي فيصعب الشعور بها مجددا! إنها تبعد أكثر وإن تكررت فلا شيء يشبه حدوثها أول مرة؟ أشعر أن لحظتي التي لم تعد دنياي بعدها كالسابق حدثت دون أن أعلم، مرت خاطفة وسريعة لذلك ظننت أني هنا لا أتغير!

ــــــــــــــ

الاثنين 3 – 1 – 2022

أوقد شمعة أحضنها بين يدي يتسرب الدفء إليّ، أشعر بالامتنان للشعلة الصغيرة الراقصة. ثم انفخها فتختفي وكأنها لم تكن، يتبدد آخر خيط دخان منها أمام ناظري.

ــــــــــــــ

الثلاثاء 4 – 1 – 2022

تعود المواقف مرة أخرى بنفس الثوب، تتكرر الأحلام. وتجد نفسك مستعد أكثر، مُتأهب للوثب والتصرف كقط يتربص بطائر يلتقط طعامه لايدري أنه سيكون الوجبة بعد أن ينتهي من وجبته. تتكرر المشاهد فتكون هادئا وتختار اللا شيء كردة فعل. عاد حلم الموجة التي ستغرقني، ألوذ بالفرار أسرع بعدة أمتار من المرة الماضية ومع ذلك تلسعني من كتفي واستيقظ وأنا اشهق هواء الغرفة خوفا من الغرق. أقول في نفسي: إنه حلم، ليتني لم أفزع، ليتني لم أركض، في المرة القادمة لن أخاف!

ــــــــــــــ

الأربعاء 5 – 1 – 2022

يوم حلو، قطعة سكر ذابت في قلبي.

ــــــــــــــ

الخميس 6 – 1 – 2022

يدق مساميره في قلبي وعيني وأذنيّ ولساني، يؤكد أنه يَضرب لأنه يُضرب. تنطفئ الحواس التي أملكها، لا استطيع معرفة طبيعة ما يحدث، إن كانت المسامير حادة كما تبدو؟ فلماذا لا أشعر بالألم؟ يالله منذ متى تحولت إلى مخلوق بلاستيكي؟ متى فقدت أعصابي واحساسي؟

ــــــــــــــ

الجمعة 7 – 1 – 2022

لا أدري كيف أعود. لستُ تائه فحسب وإنما فقدت بوصلتي. كل الجهات تشير نحو الشمال، حيث أسير يصفعني البرد، وحين أتوقف أشعر بتصدع الأرض تحت قدمي ستبتلعني إن أطلت الوقوف، وأنا واقف لا استطيع الحراك.

ــــــــــــــ

السبت 8 – 1 – 2022

يارب ساعدني لحقت بي الموجة مُجددا، أحاول الصراخ لا اسمع صوتي إلا مترددا داخلي، إنه لا يخرج، أحاول تحذيرهم: سنغرق سنغرق، أفكر من أحاول انقاذه؟ لمن أذهب أولا؟ الوقت ينفذ! من أحلامي السابقة أعرف أن الموجة ستصل بعد قليل، لم استيقظ من النوم ولم أغرق أيضا! انحسر الماء بعد أن لمس كتفي برفق. لكنه ترك أسفل أقدامي حطامه، والكثير من الزجاج الذي لا يمكن أن يعود لسابق عهده. استيقظت ولم أغرق لكني حزين يالله لكل الزجاج الذي كان تحت قدمي ولم استطع لملمته، كأن الزجاج أنا؟ كأنه روحي! أكان الغرق أهون من هذا الذي اشعر به؟

ــــــــــــــ

الأحد 9 – 1 – 2022

ما أجمل كتابة الأهداف تبدو سهلة. ويمكن كتابة أضعاف أضعافها. حين تزحف ساعة الحقيقة فوق كتفي تضغط بكل ثقلها. تقف وترمقني بنصف ابتسامة مُتسائلة: هل بدأت؟ وابدأ فعلا، اشمر عن ساعدي لأعمل، ثم اشعر بالنوم و مرة أخرى برغبة غير مُبررة للعب أو مراقبة الظلال المتحركة أسفل الباب. عندما أعود تبدو أهدافي أكثر صعوبة مما ظننت، وأقل أهمية مما كنت أتصور، وأن ما افعل صغير لا يكاد يُرى، لماذا هذه الأهداف؟ ونحن عندما نموت يختفي كل شيء قمنا به، لنمت الآن أو لنجعل أهدافنا تختفي بشكل أسرع. أغمض عيني هارب من الفكرة والمكان. وافتحها مجددا لأجد الحقيقة ماتزال بنفس الابتسامة قائلة: “لقد انتصف الليل وأنت تعمل منذ الصباح توقف الآن واخلد إلى النوم، غدا يوم آخر”.

ــــــــــــــ

الاثنين 10 – 1 – 2022

إنه اليوم العاشر على وفاة القط، لا جحيم للقطط أغبطها على ذلك، وافتقده أيضا.

ــــــــــــــ

الثلاثاء 11 – 1 – 2022

سيرة ذاتية: شخص يجيد البقاء دون أن يفعل شيء، هنا شخص يتقن اللاشيء.

ــــــــــــــ

الأربعاء 12 – 1 – 2022

حبل يا الله أو يد تساعدني على الوقوف. هب لي من رحمتك أقدام تستطيع الوثب والثبات.

ــــــــــــــ

الخميس 13 – 1 – 2022

عندما كنت صغير، صغير جدا انفجر بالقرب من أذني لعبة نارية، صمتت الدنيا حولي لدقائق، كنت أرى الجميع يسألون يحاولون الاطمئنان كنت أراهم ولا اتمكن من سماعهم! إنهم شفاه تتحرك بلا صوت، صوت صفير لا يتوقف!

هذا الصفير أشعر به الآن، ليس في أذني وإنما في عقلي، صفير متواصل يمنعني من فهم سبب ذلك، يحاول أن يؤخرني عن اتخاذ الخطوة أيّ خطوة، أرى الأيام تسير دون أن اسمعها، لا اسير ولا أدري ماذا يفعل شخص مثلي، انفجر بالقرب منه الوقت ولم يعد يعرف كيف يرتب الثوان التي لم تأتِ بعد.

ــــــــــــــ

الجمعة 14 – 1 – 2022

أفكر في الفناء وأرجوه رغم استحالة حدوثه، إذ إني موجود حقا ولا أدري كيف لي أن اتلاشى.

ــــــــــــــ

السبت 15 – 1 – 2022

يومي من صنعي، حين ألقي بثقلي على الصباح أجد الليل أقل عبوسا. في الحقيقة لا أدري عن شعوره فأنا أخلد للنوم سريعا.

ــــــــــــــ

الأحد 16 – 1 – 2022

أين تذهب الأفكار التي لم تكتمل بعد؟ وأين تعيش الأفكار التي لم تكلل بالنجاح أو الفهم؟ وصغار الأفكار التي لا تدري أنها صغيرة كيف تعيش لوحدها دون رعاية واهتمام؟ من يسقيها من يجدد لها ضوء الاهتمام لتكبر، فهي لا تدري أنها لا تكبر! من يقتل الأفكار فور ولادتها؟ من يتجاهلها فتظل ميتة دون أن تدري أنها مازالت تنبض، وإنها إن رفعت يدها لحلّقت عاليا أبعد من طير كاسر.

ــــــــــــــ

الاثنين 17 – 1 – 2022

إني فأر في قفص، قلت محدثا نفسي قبل أن أُحبس داخله بثوان: سأتذوق قطعة الطعام هناك، لا لن اتذوقها وإنما سألمسها فقط وربما سأشمها. حين دخلت سمعت صوت إغلاق الباب خلفي. الآن لا استطيع الخروج، أخبر الباب أني لم آكل ولم أنوي فعل ذلك. يرد علي دون أن ينظر نحوي: أعلم، كان عليك أن تظل في الخارج كل الذين اقتربوا لم يستطيعوا الخروج مُجددا! أعود للقطعة الشهية، اخبر نفسي هيّا كلها الآن لا شيء يمكنك فعله، لا استطيع تناولها، لا فم لي ولا مريء ولا معدة أنا فأر فارغ من الداخل، سأتركها للقادم بعدي.

ــــــــــــــ

الثلاثاء 18 – 1 – 2022

عدت سريعا إلى هنا، اعرف الآن ماذا عليّ أن أفعل، وكيف أدير الوقت وألتهمه حتى أعود مجددا إلى اللحظة التي لا أكون فيها هنا. كل الأماكن لي مادمت فيها، كل الأماكن ليست لي مادمت لا استطيع مسح الغبار عن سطحها.

ــــــــــــــ

الأربعاء 19 – 1 – 2022

قطعة الخشب المسماة بباب بدأت تصدر أصوات لا تشبه ما اعرفه من قبل. هل تشعر بالبرد؟ أم تشكو توقف الوقت؟ هل تفضل أن تكون مُغلقة أم مفتوحة على مصراعيها؟

ــــــــــــــ

الخميس 20 – 1 – 2022

أُغلقت عني النافذة فلا استطيع دخول المكان بعد الآن. أُغلقت الستائر فلا يمكنني التلصص على مايدور من أحداث. أنا في الخارج الآن عليّ العودة أدراجي وترك البيت لأهل البيت. أطير بعيدا مفكرا لو أن النوافذ لم تكن موجودة فهل كنت سأدخل من الباب؟

ــــــــــــــ

الجمعة 21 – 1 – 2022

قبل أن أخلد للنوم اتأمل بقعة الظلام أمامي المتحولة إلى بقع مضيئة من صنع عيني، تسألني بقعة الضوء الوهمية: هل تشعر بالرضا؟ كيف قضيت يومك؟ استطيع إزعاجك بسؤال واحد! بل بجملة واحدة، بل بصوت الساعة الذي تسمعه الآن! لم يتبق لك سوى أقل القليل من الوقت، وربما لن تستيقظ غدا لتجد النعيم الذي تعيشه الآن. أمد يدي نحوها محاولا مسكها، ولأني لا استطيع، أُحرك الهواء محاولا مصافحتها، جاعلا راحة يدي سطحا لها لتسير فوقه وترتاح. لتخبرني هل انتظرت طوال اليوم لتقول لي كلام كهذا؟ هل ذهبت إلى آخرين قبلي؟ وهل ستذهب إلى ناس بعدي؟ حين أخلد للنوم أين ستذهب؟ افتح لها صدري وأوراقي أخبرها أن تمكث ما ارادت. وإن طرأت لها فكرة الرحيل يمكنها أن تفعل ذلك، دون إخباري، ساعرف أنها رحلت حين يتوقف صوتها عن قرع طبلة أذني. وسانتظرها، هذا ما افعله، أحب الانتظار وأجيده، وراحة يدي مفرودة دائما.

ــــــــــــــ

السبت 22 – 1 – 2022

انظر إلى كلمة ( لا ) تذكرني بعظمة الحظ في ترقوة الطيور. أتأملها ولا استطيع كسرها، كقلادة لا استطيع ارتداءها ، ولم اتركها في صدر الطير ليحلق. هي أمامي وفي فمي هي لقمتي التي ألوكها ولا استطيع ابتلاعها.

ــــــــــــــ

الأحد 23 – 1 – 2022

أخطبوط يحضن بثمانية أذرع ويحب بثلاثة قلوب وينفث حبرا بكلمات لا تُفهم، يغوص بالعمق ولا يغرق، رأسه كمنطاد منفوخ لا تدري إن كان بداخله أفكار أم هواء! هل أنا كذلك؟ في يوم مضى كنت أرى أني للفأر أقرب، وفي يوم آخر أصغر من ذلك بكثير. كثيرٌ عليّ أن أكون بشر بلحم ودم، أنا صغير صغير يكفي أن أكون فاصلة أو رقم أسفل صفحة، لا أُحاسب ولا أقترف الأخطاء، ولا أشعر بهذا الشعور المؤلم الذي لا يزول ولا يمكن وصفه.

ــــــــــــــ

الاثنين 24 – 1 – 2022

لست في سباق، لست في سباق، الكل سيصل في أوقات متفرقة، إن كنت على عجل فهذا اختيارك، لاتحاول حمل الأرض معك ولا تغضب إن رأيت زحام أمامك، لا تشعر بالضيق إن سبقك الذي كانوا خلفك، لا تعد أصابعك فالعد لن يزيد من قوتها ولا سرعتها.

ــــــــــــــ

الثلاثاء 25 – 1 – 2022

أقرأ في مكان ما: “إنّ الخسارة تُعد واحدة من أعمق مخاوفنا*”. وأفكر في خسارتي وخوفي معا. أرى نفسي خائف دائما، خوفي يطل من عيني، يمكن رؤية ذلك من بعيد حتى دون أن تسأل عنه. يكفي أن ترى ناحيتي سترى ذلك بوضوح. وماذا يوجد في العمق؟ لا عمق لدي أنا شخص مسطح.

ــــــــــــــ

الاربعاء 26 – 1 – 2022

في الحقيقة اليوم ليس أربعاء وإنما قفزت الأيام راغبا أن اكتب هنا، ليوم لم يأتِ بعد. مازلت في ظهيرة الأحد لكني انهيت مُذكراتي هناك، وشعرت برغبة في الذهاب إليّ في المستقبل. أود أن اطمئن هل مازلت تمضي يومك متكورا منتظرا نهاية الشتاء؟

أرغب أيضا في التخلص مني، أو الأجزاء التي لا احتاجها، مثل التخلص من جلدي ومن جِدي ومن هزلي!

ــــــــــــــ

الخميس 27 – 1 – 2022

مرت ساعات تلو الساعات وأنا أهوي حتى ارتطمت في القاع، رغم صلابة الأرض هنا إلا أني حين وصلت لم يكن هناك أيّ دويّ، ولم يصدر هبوطي الذي بدا وكأنه اضطراري إيّ صوت. عظاما مكومة في العتمة، ليس مؤلما ما حدث، ولا يدعو للحزن ولا حتى التأمل، لم أعد كما كنت ولا استطيع! لم أكن حذرا، قررت أن أكون ساذجا وأسير في الهواء دون أن أمسك بيدي أيّ حبل أو حتى أطلب النجدة. أثناء سقوطي كنت أفكر، لا بالألم الذي لم أشعر به بعد، وإنما أفكر لماذا فعلت بنفسي ذلك؟ لستُ سيئا فيما مضى فلماذا أعاقب نفسي بنهاية كهذه؟

ــــــــــــــ

الجمعة 28 – 1 – 2022

يومي هانئ هادئ وكسول أيضا. أحدد يوم الجمعة لفعل اللاشيء فلا أسير ولا أطير ولا أتحدث مع أيّ أحد، استطيع فعل ذلك، لكن لا أفعل إلا في الغد لأشعر بلذة أن أكون أنا. تُبهرني فكرة شحن النفس مجددا. أحب التوقف عن الركض ومحاولة استيعاب ماحدث في الأيام الماضية. أدري أن كل هذه الأفعال ليست بذات الأهمية التي أشعر بها، هي جيدة مُقارنة بتدمير العالم أو شن حرب غير مبررة على النفس لأن الفراغ أمر بذلك.

ــــــــــــــ

السبت 29 – 1 – 2022

نص طويل وممل قمت بحذفه رأفة بك.

ـــــــــــــ

الأحد 30 – 1 – 2022

البرد في الخارج، والدفء يربت على كتفي من الداخل مؤكدا أنه لا شيء يُبعد الصقيع إن قرر الدخول، مهما أشعلت من النيران ومهما تلحفت بالأغطية. في السابق في أيام بعيدة حين أسجد يسبقني دماغي إلى الأسفل، كأن الألم يستلقي أمامي مرتاح ليقفز مرة أخرى حين أرفع رأسي. كان الوقوف مُعجزة اسمعه يهمس قائلا: لولا الجمجمة الصلبة العنيدة لما استطعت التماسك في الداخل لوقت أطول. فلا أدري أأسجد سريعا أم أضغط جبيني على سطح الأرض لعل الوجع يضل سبيله ولا يعود.

النصف الممتلئ من هذا السواد أن الألم لم يعد! النصف الفارغ والمُر اختلف شعور السجود الآن تتوالى الصور أمام عيني، صور تتوسل عودة الصداع والرقص معه كل دقيقة، ولا هذه الذكرى التي لا أعرف كيف أمحوها من باطن عيني وظاهرها! ترقص الصور في عيني مُجددا، تسألني ساخرة هل تذكر ماذا قرأت في صلاتك؟ هل دعوت في سجودك؟ كنت تغمض عينك في ما مضى خوفا من خروج دماغك من الألم كنت تردد يارب، أما الآن فالصور الملونة والسوداء والباهتة هي كل ما تراه حين تغمض عينك أو تفتحها! فهل تشك الآن أنك لست بآثم؟ لا نسمع صوتك قائلا يارب؟ هل استغنيت؟ أم يئست؟ مازلت تردد أنك لا تدري وتكرر ذلك، وكأن عدم المعرفة يكفي لإيقاف موجة البرد التي ألمّت بك.

ــــــــــــ

الاثنين 31 – 1 – 2022

هل عليّ فعل ذلك؟ ماذا سيحدث إن ضغطت زر النشر الآن؟ وما النتيجة التي انتظر الحصول عليها؟ إن كانت لا شيء فلماذا افعل ذلك؟ وإن كانت شيء ما فما هو؟ ومتى سأحصل على رد فعل ما؟ إن كنت أفعل ذلك لي، فأنا لستُ هنا، وإنما داخلي، لست بحاجة لقلب جلدي من أجل رؤيته في الفضاء! إن كان للآخرين فمن هم؟ وماذا يعرفون عني؟

ما الهدف من كل ذلك؟ ولماذا عدت للتفكير والكتابة مجددا؟ ربما لأن القط مات؟ رغم أني لم اكتب عنه سوى سطر واحد من بين ألفيّ كلمة أو أن الشتاء عاد؟ وحتى يمضي بسرعة أحاول التشاغل عن وجوده؟ لماذا أنا هنا؟ ومتى أتيت؟ وكيف أعود؟ وهل سأعود؟

ـــــــــــــ

📖 القراءات:

  • السيرة النبوية ٤ أجزاء لـ محمد الصوياني
  • الجريمة والعقاب الجزء الأول لـ فيودور دوستويفيسكي
  • ليس للحرب وجه أنثوي ٦٠٪ لـ سفيتلانا أليكسيفيتش
  • ادرينالين من سلسلة ضوء في المجرة لـ أحمد خيري العمري
  • الضوء الأزرق ٥٠٪ لـ حسين البرغوثي

🎬 المشاهدات:

  • Encanto 2021 فيلم موسيقي كوميدي
  • Better Call Saul 2015 مسلسل جريمة
  • Lupin 2021 الموسم الأول، مسلسل جريمة
  • The Social Dilemma 2020 فيلم وثائقي

وأخيرا

اعلم أنها تشرق قبل أن افتح عيني، وتغيب أيضا دون أن اشعر، لطالما تمنيت أن أكون نجما، أن اتقد ولا انطفئ! وحين لا أكون اختفي تماما دون أن أترك أثر، مجرد هباء على سطح ما، أزول بمجرد أن يشيح أحدهم بنظره.

كيف سنرحل؟

فرصتي الوحيدة هي هذه، وأظن أني اراقب أكثر مما افعل، لذلك لا افعل. هل تعرف قصة الضفادع المسلوقة؟ التي تبقى في مكانها بلا حركة وترتفع الحرارة أسفلها حتى تصل إلى الغليان وقبل أن تكتشف ذلك تكون فارقت الحياة! بينما لو وضعتها في درجة الغليان بلا تدرج لقفزت عاليا من أول لحظة! هذا ما افعله الآن انفخ أوداجي واشاهد كل ماحولي وكلي يقين أني في أمان من كل أخطار هذا العالم، ماذا لو كانت الأرض تفور أسفل مني دون أن أشعر حتى وإن بدوت متيقظا! بل أشعر أن النهاية قريبة وسانتهي قبل أن اخبر أحد بذلك، أريد قبل أن أحترق اخبار الآخرين أني كنت أعلم ذلك.

أنت لا تعرف الوقت الذي ستطويك فيه الأرض ثم النسيان. ولا تعرف أيضا كيف سيحدث ذلك؟ أفكر في هذا الآن، هل سيكون وأنا نائم؟ سأكون لوحدي أم سأرحل مع مجموعة هل اعرفها أم لا اعرفها؟ أهي مجموعة ضخمة أم لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة؟ سيتمكن الآخرين من التعرف إلى هويتي؟ أم أن أمرا سيحدث ويحولني إلى رماد وأشلاء؟ كأن يمحونا نيزك في ليلة هادئة ونختفي دون أن يبقى أحد يحزن رحيلنا! ليته يكون عاديا متكررليس بالأمر الجلل.

بعد مرور أسابيع

مرّ اسبوع على نتيجتي الايجابية، وبعد أن عزلت نفسي وجدت أن الأمر لم يكن غريبا أو مزعجا، هل ستكون النهاية نقص في ذرة أكسجين؟ سيكون ذلك سريعا، أن تغرق في صدرك محاولا البحث عن هواء ولا هواء! في مكان غير مكانك، وبين جدران لا تعرفك ولا تدري من أنت، تدير ظهرها وترى الجانب الآخر. اعرف أن أسباب الرحيل كثيرة وسيكون سببنا واحد لايمكن أن تتعدد وأنا شخص واحد أليس كذلك؟ إنها بديهية رياضية. تنفرط الأيام سواء قمت بحسابها أم لم تحسبها، ومع ذلك أحسبها باهتمام، إنها لاتزيد بشكل سريع إلا إن نسيت ولكني لا أنسى!

بعد مرور ١٠ أيام أخرى

تبدو هي الأصعب، نتساقط الواحد تلو الآخر، التوقيت يبدو مُفاجئ، يارب لستُ مستعد بعد، إني أفهم الآن لهفة الآخرين حين قالوا: “ادعو الله لنا لعلكم إلى الله أقرب”، ظننت لزمن مديد أني استطيع النجاة بمفردي بطريقة أو بأخرى حتى وإن كنت بعيدا سأصل في وقتي المناسب، فهل آن الأوان؟

قبل أن يحدث هذا كله، اشعر بالتبخر، هذه الأرض لم تعد تستطيع أن تمسك بأي فكرة قافزة من رأسي! اختفت الجاذبية، إني فارغ أكثر من أيّ وقت مضى، ولا أجد أمر مرعب أكثر من أني شخص لا يملك أدنى معرفة عن نفسه، إذ أن أيامه الماضية تبدو بعيدة تماما عنه الآن، هو مُختلف لا يستطيع أن يتملص من أنه كان صغيرا ولا يعرف إلى أن يكون أصغر ولا يعرف أيضا أكثر من أيّ وقت مضى!

من ضفدع يتبخر من حرارة الواقع إلى بخار يحاول أن يكون غيمة، أسأل نفسي: “كيف يمكن أن ينهي الشخص حديثه ويستطيع أن يعود لاكماله وكأنه لم يغيب ولم يختفي لوقت طويل؟”. لا أدري كيف أنهي حوار لم اتمكن معرفه سببه حتى هذه اللحظة؟

لا أحب الآفلين*

ازحت الشمس قليلا فوجدت خلفها شمس أخرى، لم تكن حارقة بل تبدو أشد وضوح من سابقتها. وكأني استطيع رؤية ما خلفها. شفافة كزجاج تمّ تلميعه هذا الصباح، نقية بلا شائبة وكأنها لا شيء! لماذا قررت أنها نجم آخر؟ لأن هذا ماتبدو عليه الشموس حين نقرر أنها كذلك. الرغبة المُلحة في أن أكون واضحا وشفافا لا أخفي أيّ أمر مهما كان مر، تجعلني أخلق شمس غير الشمس، وأن أغسل نفسي من الداخل بضوءها، ويمتصها جلدي دون خشية الاحتراق!

صدري ممتليء بكواكب لا أقمار لها! تدور حول نفسها فقط! لا ربيع ولا خريف ولا وجود للمد والجزر إذ لا وجود لقمر يجذبها إليه ويبعدها . هذا الامتلاء المتكدس فيّ يجعل الأفول والاختفاء احتفال ترجوه معظم الكواكب كل ليلة. تتمنى أن تختفي من فضائي، وتحاول أن توحي لي في أحلامي أنها ستنفجر قريبا، لكنها لا تفعل ذلك، استيقظ في كل يوم واشعر بها جميعا وهي تدور بقدر ماتسمح لها المساحات. لا ترى الكواكب بعضها فهي معتمة مُظلمة. تلتهم دفء الشمس التي صنعتها في سطري الأول وترجو الخلاص ولا خلاص.

ابتعدت حتى لم يعد يراني من يريد أن يراني، شعور بالخفة، شعور هباء – والهباء لتعرفه كما اعنيه هو “تُراب تُطيّره الرِّيح ويَلْصَق بالأشياء أو ينْبثّ في الهواء فلا يبدو إلّا في ضوء الشَّمْس”**- ابتعدت بين كواكبي في العتمة الدافئة من شمسي المخلوقة على الورق لا يراها ولا يشعر بها إلا من هو هباء مثلها، تتراقص في العتمة بلا رفقة ولا فكرة ولا هدف. أخف من أن تحمل رفاهية الاسئلة: لماذا، ومتى وأين!

ببساطة وبدون محاولة لتغيير ما يحدث أو تخفيف الواقع بعبارة: “الكل هكذا”. اشعر أني سيء، ومتأكد من ذلك، ولا استطيع أن اضرب أمثلة أو أن أقوم بالمقارنة. شعور بالسوء والسواد والتضاؤل، لستُ مكتئب ولا حزين ولا جائع ولا أمر بضائقة مالية. هو حجمي وموقعي أمام عيني! وهذا لا يثير غضبي، ولا اقوله راجيا ثناء من فضاء ما! ظني ليس سيء ولا أدري لماذا أجد نفسي هنا بهذا الرضا.

اعيد الشمس والكواكب إلى فضاءها، وأعود أدراجي أملأ نفسي بأعمال أكثرها جيدة إن لم تكن جيدة فهي لا تصل إلى السوء في نظر أطيب الطيبين، اربت على كتفي شاكرا ومطمئنا أن كل الذي مر صنعه شعور داخلي يمكن تغييره يمكن تعديله ليناسب ألوان المكان.

يجتر حروف الجر

أتدرك كم أنت ضعيف؟ لا تستطيع أن تجبر نفسك على فعل ما لا تستطيع فعله! ولا يمكنك أن تعرف مايدور في خلد الآخرين حتى وإن اقتلعت الكلمات من أفواههم، فهي ليست تماما ما يعنون أو يشعرون، بل إنهم يقولون ما سيتغير كنهه بعد مرور الوقت.

إنك مقيد بالزمن، لا يمكن بأيّ حال أن تصل إلى يوم الجمعة. تقف مكتوف اليدين في يوم سبت هادئ منتظرا مرور الأيام، أن تشرق الشمس وتغيب مرة بعد مرة حتى تصل ليومك المنشود، وحين يأتي لا يكون هو يوم الوصول، وإنما جمعة أخرى من عام آخر ليس هذا العام ويمضي العمر واقفا منتظرا جمعة لا تأتي!

جميعنا نثير شفقة أحد ما، هذا الأحد هو أنا في أغلب الأوقات! يبذل الانسان وسعه حتى وإن لم يفعل شيء يذكر، يبدو ضئيل وبلا حيلة يقف أمام الهواء ولا يستطيع منعه من اختراقه والتغلغل في أصغر خليه من جسده! تركض نحوه ذكرياته الأولى فور إغماض عينيه، قبل الخلود إلى النوم فلا ينام بسهولة! تُلقي به روائح الطعام نحو المرات الأولى من ذكرياته البعيدة التي تتقافز أمامه لكنه لا يقولها. إنه لا يدري كيف تسعفه اللغة في وصف ما لا يوصف! إذ أن رائحة اللحم المشوي أو الخبز تبدو لتكرارها آلية الحدوث ولا يمكنها أن ترتبط بذكرى أشخاص رحلوا وهو راحل أيضا معهم. لم يعد نفس الشخص القديم، لا أحد يستطيع أن يبقى في ماضيه مهما تشبث، مهما كرر الحكايا القديمة، إنها تبهت وهذا يبعث الشفقة ولا حل لذلك سوى الاعتراف أنها حدثت وأنه لا يستطيع أن يعيدها مهما كررها.

كم هو مُربك عندما أفكر بفكرة دون أن ارسم حدودها وقوانينها الفيزيائية. أيمكن أن تنجو الأفكار التي تشبه وتطابق أفكار آخرين؟ ماذا لو أنهم لم يفتحوا أفواههم بها، وإنما اكتفت بالتجول في سقف أدمغتهم ولم تتجاوز أيّ حدود. اكتفت في أن تكون تماثيل جامدة تلامس سقف الجمجمة دون أن اختراقها. ألهذا يفقد بعض الناس شعرهم؟ هذا ماتفعله أفكارهم تسرق خصلات الشعر وترسم بها السقف لأنها لا تستطيع الخروج؟ وتكتفي في التمدد والحملقة نحو الأعلى كما نفعل تجاه السماء التي لايمكن لمسها، نتأمل النجوم، نتأمل البعيد الذي لا يمكن الوصول إليه.

أتدرك ضعفك؟ لا تستطيع أن تحرك الوقت ولا أن تمنع الهواء ولا أن تلمس أيّ سقف، تجتر حديثك وتحاول أن تجعل خطواتك مشابهه لكل ما تقول وما تفكر به، تجد نفسك أثقل من أن تحملك الأرض وفي مرات أخرى أخف من أن تلامس سطح الماء.

انحرف فالطريق لم يعد مستقيم

إن الاستقامة التي يحاول أمثالي التمسك بها تحمل صيغة آليّة وسمة ملائكية يصعب تنفيذها. كمن يشتري شيء ويرفض استخدامه حتى لا يتلف أو يصاب بخدش، يخدم الأشياء التي عليها أن تخدمه ليطول عمرها. وينسى بعد حين لماذا وُجدت فتزدحم دنياه بأمور لا يدري متى استقبلها ولم يعد يعرف كيف يخبرها بأنه لا يجد طاقة تشبه التي كان يبذلها في البداية!

إن سرت على الطريق وظننت أنك تحسن صنعا فامسك بيدك عصا واجعلها تحفر الأرض تاركه أثر يمكن تتبعه، ثم انظر خلفك بعد مرور يوم واحد ستجد أنك كنت تتأرجح يمنة ويسرة! لست قديسا كما تظن ولست جيدا بما يكفي لتضع قوانين السير للآخرين! بل انظر إلى يدك أين هي العصا؟ كيف سقطت منك؟ أين تركتها؟

على الخريطة يوجد طرق صحيح؟ الكثير منها. طرق رئيسية تذهب بك بعيدا وبشكل سريع وإن لم يكن سريع بسبب الازدحام أو إغلاقه مؤقتا لاصلاح ما إلا إنه سيجعلك تصل أخيرا. على نفس الخريطة طرق فرعية طرق لا وجود لها، تجدها حين تسير على ضمانتك الشخصية ستذهب بك بعيدا أيضا لكن لا تأكيد لوصول أخير ولا ضمان بالسلامة! احدثكم من هنا من الشوارع الخلفية من الخريطة من العالم الذي لا وجود له، انحرفت حين كنت أصف لكم كيف تبدو الطرق المستقيمة مستقيمة!

بعد أشهر من التوقف

اسير في الظلام، لستُ مغمض العينين أدري ذلك، إذ أني أحفظ هذا المكان عن ظهر قلب، أكثر حتى من اسمي الذي استخدم منه نسخا مختلفة منه باختلاف المكان الذي أُوجد فيه. رغم رحابه هذه العتمة وسعتها التي تسمح بالركض آلاف الخطوات الزمنية بلا ضجة أو مزاحمة آخرين، إلّا أن رغبة السير ببطء هي كل ما أرغب به الآن وغدا والعمر القادم.

لستُ مقامرا أعلم ذلك إن ما أملك الآن هو ما احتاجه ولا استطيع الاستغناء عن دقائقي هذه بوقت آخر ليس لي، ولا أدري ماذا يفعل مخلوق مثلي بوقت ليس وقته.

إن اردت معرفة أمنيات الآخرين فانصت جيدا لدعواتهم لك، إنهم يدعون للأشياء التي تنقصهم ويظنون أنها تنقصك أنت أيضا أو ترغب بها بمقدار مايرغبون، أهي قاعدة؟ ربما لست متأكد من ذلك، هنا ندعو لبعضنا البعض بالجنة والصحة والرزق فهل نعيش في الجحيم ونتقلب في الحمى وشظف العيش؟ أم أني ولدت راضيا ولا أدري مقدار ما يمكن أن يحصل عليه المخلوق من صحة ورزق؟ أم أني أحاول بوعي -ولا وعي ربما – في طمأنة نفسي أن الحياة هي الاختيار الجيد مادمت وجدت نفسي بها وأن أي خيال آخر لن يطول ولا يمكن أن يكون واقعيا فما الداعي لخوضه؟

يبدو أن الظلام الذي آنست العيش فيه لا يشبهه النور الذي يغترف منه الشعراء والروائيين أقلامهم، هل أنت أيها القارئ شاعر؟ أم شخص عاش يوما في قصيدة؟

مغمض العينين ويرى!

حُكم عليّ أن يبتر أصبع من كل يد. لم يُزعجني الحكم رغم أني لا أدري ما سببه، ولا اذكر كيف وصلني الخبر! إذ أني لم اسمعه ولم أراه ولم يخبرني به أيّ أحد، سرت وأنا أنظر إلى يدي واعرف أيّ الأصابع سيقام عليها الحدّ، بل إني لفرط ما آمنت بالفكرة قمت بقطع أصابعي بنفسي! قطعت إصبع من كل يد، وحين عددتها وجدتها أربعة! رغم أن يداي هما يداي. لم أتألم ولم أشعر بالخزي أو حتى الحزن. كان تدفق الدم الدافئ المستمر يجعلني أتسأل متى سيتوقف؟ إن الذين ينزفون بهذه الغزارة سيكون لديهم مشكلة صحية، أبسطها فقر الدم وأخطرها الوفاة. عليّ الذهاب إلى المستشفى، لم أصل إلى أيّ مكان بل استيقظت من النوم. متذكرة أني لم اكتب أيّ شيء منذ مايقارب الشهر. لا أجد ما أقوله ولا أدري إن كان من الواجب فعل ذلك، ومن أوجبه عليّ؟

في ليلة أخرى كنت أنشر بالمنشار قطي إلى نصفين وأنا أبكي لأنه قفز قبل أن أنهي المهمة، فعلت ذلك ليكون أصغر حجما لا لأقتله. يقترب شخص ليواسيني في فقدي لكني ارفض ذلك. إذ أنه لم يمت وإنما هرب، وشتان بين الموت وما سواه، كنت أريد تشذيب القط. كما نفعل بأغصان الأشجار وأطراف الشعر والأظافر، نقصها ونحن على يقين بأنها ستنمو سريعا، وقطي كذلك سيعود لولا أنه قفز هاربا من بين يدي، في الحلم رأيت كبده وطحاله خرجا من مكانهما وحين ابتعد كان سليما أو هذا ما كنت اتمناه ولم اتحقق من رؤيته.

بعد أسبوع من هذا الحلم، وهي اللحظة التي اكتب فيها هذا السطر الآن، لم أعد أدري أين هو بحثت عنه في أرجاء البيت ولم أجده. افتقده كثيرا وأتعجب كيف كنت اقطعه إلى نصفين؟ اقلب صور الهاتف فأرى صور قديمة وكثيرة له وهو مستغرق بالنوم، هل رأى في الحلم يوما أني أذبحه؟ ليتني كنت اعرف أن المرة الأخيرة التي شاهدته بها كانت الأخيرة، لكانت نظرة مختلفة. نظرة عادية مُعتادة ومسؤولة تخشى عليه من برد الشتاء وتنتظر معه الصيف، لكنه اختفى وهذا شعور مؤلم، ولا أدري ماذا أفعل، اسمع واهمة صوت أظافره على باب الغرفة محاولا الدخول أو طالبا الخروج! وكيف عرفت أني واهمه؟ أنا مغمضة العينين الآن ومع ذلك لا أراه!

مذكرات يومية

الخميس 11 فبراير 2021

أجلس في حنجرتي، في أضيق نقطة يمكن أن تتكور فيها عبرة لا تدري كيف تخرج، ابحث عن سبب يجعلها تظهر دون أن تحتاج شرح أو إيضاح، في عالمي – داخل عقلي- كل الأشياء لها سبب، فلا تقبل الدموع التي تطرق الأبواب هكذا بلا مناسبة، ابحث عن حبة غبار وضعها في عينك ليُسمح لك بالبكاء والنحيب إن أردت!

لا استطيع ابتلاع نفسي، إني أكبر مما ظننت، وضئيلة أكثر مما أظن أيضا. 

في قصة هي قصتي كنت انتظر أن يرفع الستار لتبدأ الأحداث، لكن الستار لا يرفع، وأنا هنا في الخلف لا أدري ماذا أفعل، أرقص؟ امسح الغبار الذي يعود فور مسحه إذ أن الاثاث هنا مصنوع منه. أم أتدرب على الأدوار التي لا أدري لماذا أقوم بها. هل أُغني؟ أم أهمس، هل أشاهد الحضور؟ وكيف أدري إن كان هناك أحد يقبل أن يُرى وهو قادم ليرى؟

أنزلق الآن إلى شعبي الهوائية متمنية أن اتنفس واخنق الأخرى التي هي أنا لكنها أكبر، وتتشاغل في أمر آخر بعيدا عن رفع ستار القصة التي لا يمكن أن تبدأ لأنها شارفت على الانتهاء!

الاثنين 1 فبراير 2021

اكتب هذه الرسالة ولا أعلم إن كانت ستصل أم لا. هذا الشعور بالانسكاب هو كل ما احتاج. ولست مهتما حقا إن كنت سأندم لاحقا على ما سأقول، أو سأكون أكثر حكمة وأتصاغر الشخص القديم الذي كنت!

في الواقع لم أشعر يوما أني حقيقي. كنت مُقلدا لمن حولي، أحلم مثلهم بالرحيل إلى مكان أبعد، مكان لا يشبه رفوف المحلات التي كنا نصطف فوقها حامدين شاكرين إذ لم نقبع في مستودع مظلم. نردد دائما أنه من حسن حظنا أننا لم نعرف يوما شكل الحياة في المخازن البعيدة كل البعد عن أنظار الرفاق الذين نحلم أن نذهب معهم إلى منازلهم. كانت تنتهي قصة كل فرد منا عندما يذهب، ولا ندري ماذا يحدث لهم بعد ذلك!

أنا اعرف ماذا حدث لي، لقد خلعني وحاول اللحاق بأحلامه من النافذة، فركضت خلفه لأمنعه، إنه يعيش في طابق مرتفع لا اذكر الرقم ولكنه يتكون من خانتين آحاد وعشرات هل كان ٣٤ أو ٤٣؟ كان مرتفع جدا، حين سقط لم اسمع صوت ارتطامه لذلك تمنيت أنه طار. حملت نفسي ولحقت به، رغبت أن نطير، لكن لم نستطع التحليق، فرافقته نحو الهبوط.

في نشرة أخبار اليوم التالي يقول المذيع:

عُثر على شخص سقط من ارتفاع شاهق، يبدو أنه تعثر بحبال الحذاء اثناء اصلاحه شرفه منزله، ماتزال التحقيقات جارية للتأكد من سبب الوفاة.

الجمعة 29 يناير 2021

اذكر ذلك جيدا، كانت السماء مزدحمة بالغيوم وقلبي أيضا ممتلئ بالكلام الذي لم أقل سوى القليل منه. يومها قلت: ألا ترى معي أن الشمس تأتي كل يوم، بينما الغيوم لا تفعل ذلك؟ وإن جاءت تحاول تغطية الضوء من أجل أن تنهمر؟ اذكر ذلك جيدا، يومها قلت متابعا حديثك إن القوارب الشراعية صديقة الرياح، بينما الموج الذي يلعق أقدامنا على الشاطئ صديق الجميع، وإن بدا لسانه يحاول ابتلاع كل الموجودين، لذلك يهدر متراجعا في آخر الأمر ولا تدري إن كان جائعا أم مُرحبا بنا. اذكر ذلك جيدا، أنك قلت: إن البحر مالح حتى لا يفسد، ثم سألت نفسك مستدركا ولماذا لا تفسد الأنهار الحلوة؟ ربما لأنها تجري طوال الوقت فلا تجد وقت تركد فيه فتفسد؟ مرّ وقت طويل، أذكر ذلك وتمنيت أن أرد عليك يومها أني أحب رفقتك الدائمة كالشمس، وانهمار كلماتك كالمطر، ومحاولتك لتغيير مسار الحديث عندما يكون الموقف صعبا ولا يمكن مواجهته، ثم تعود مجددا كموجة اختارت الوقت المناسب لتبتلع حزني وانقباضي.

الخميس 28 يناير 2021

مرحبا وصباح الخير اتمنى أن تكون الحياة على السطح هادئة ومستقرة ولا يزعج الآخرين سيرنا فوقها، حتى نتمكن من الغوص في عمقها بلا جهد ولا أسى ولا جلل، أن نختفي عكس حضورنا المُبهر، إن لا يُلاحظ أننا نخبو وننطفئ ولا نعود كما كنا في البدايات.

كيف الحال والأحوال؟ إجابة على سؤالي أنا بخير ولا أدري كيف حصلت على هذا الكم من الحب والعطف والأمان؟ وهل عليّ أن أكون مترقبا متوجسا من فقده أيّ ساعة أو لحظة؟

أفكر في الشوارع الخلفية من الحياة، خلف وجوه الناس، وما وراء صدورهم، أدير رأسي داخل رأسي فأرى مساحة فارغة تستطيع أن تتحدرج عينيّ وفكرتي الواحدة واستقامتي التي اكسرها إلى استقامات متعددة فاجعلها منحنية لترى عيني طرق أخرى غير التي تسير فوقها، لربما كان هناك شيء يثير الفضول، ويملأ الحياة بالحياة.

الحياة دبقة لكني لا التصق، اتسآل عن سبب الالتصاق عن معنى أن تضع أطرافك فلا تستطيع الفكاك وتظل عالقا لا يمكنك الطيران ولا الفرار ولا تجربة شيء آخر.

الأربعاء 27 يناير 2021

مرحبا مجددا، وهذه المرة على عجل، للحد الذي لا يمكن فيه المجاملة والسؤال عن حالك وكيف أن الحركة تضيق وتشتد حولك لأنك ستجيب سريعا ومعتادا حامدا وشاكرا أنك بخير، وأن الأمور مستقرة وهينة.

هذا الكلام وإن طواه النسيان أو اللا فهم أو التأويل الذي يطابق حال القارئ لا حالي! إلا أن حالي يهمني ولا يفهمني ما الذي يجب عليه الشعور به، أو كيف يسير، أو ماذا سيفعل بعد دقيقة من الآن.

إني في واقع الأمر عالق هنا في اللحظة. إنها تغمرني وتغرقني بسؤال: كيف كان الحال قبل عَشرة أعوام؟ وكيف سيكون الحال بعد عَشرة أخرى؟ وماذا عن العِشرة مع من حولي هل تكون عسرة؟ أم ستبقى حميمية وهادئة. تدور حول الغضب ولا تغضب، تجول حول الملامة ولا تفعل، تختار الرخاء وتفضل الهدوء على الصخب، تجز على أسنانك حين لا تستطيع القيام بالمهمة على أكمل وجه أو في وقتها المحدد، وأنت تدري أنك إن لم تقم بها سيقوم بها آخرون على أكمل وجه وبمجهود أقل مقارنة بما كنت ستفعل، إذ أنهم لسبب لم تتمكن من الحصول عليه يجيدون ما لا تجيد، وأنت تجيد أمور أخرى لكنها ليست لهم ولا لأي أحد في نطاق رؤيتك وفي حدود مد ذراعيك! إذ أنك وحيد في دقيقة ما قبل النوم، وممتلئ بالكون في أول دقيقة استيقاظ. وبقية اليوم تتدلى من حبل جيئة وإيابا لا تدري إن كانت الكثرة هي ما تريد أم أن الاكتفاء هو أفضل ما يمكن أن يحدث للانسان شرط أن لا يكون مجبرا، شرط أن لا يكون معتادا، وشرط أن لا يكون وحيدا لأنه لم يستطع أن يقول، لذلك حاول أن يكتب! لكنه لا يكتب وإنما يهمهم بلحن ولا أغنية يمكن أن يلصقها، ليكون مفهوم أمام نفسه.

الثلاثاء 26 يناير 2021

حين تنتهي القصة ولا يبقى بعد السطر الأخير سواك. تشعر برغبة مُلحة في ترتيب المكان لأن الترتيب هو مهارتك الوحيدة والمتبقية، حتى وإن لم يعد للمكان قيمة بعد فراغه من كل شيء. شعور يشبه انتهاء الفصول بعد أن قررت أن لا تكرر دورتها. وأن الخريف الذي عشته كان هو الأخير دون أن تدري، لذلك سرت فوق الورق الجاف واستمتعت بصوت فنائه، ولم تكن تدري أنه لن يعود. لست نادما ولست سعيدا إنك فقط متفاجئ! كيف لم تتمكن من اكتشاف ذلك قبل حدوثه أو حتى الشعور به؟

تعود لتركل السطر الأخير محتجا ومعترضا، لتجد نقطة النهاية تبتسم قائلة: لايوجد سواي الآن. نحن الآن أيها الرفيق صفر على الشمال مهما كتبت لن يكون هناك إيّ قيمة، عليك أن تستسلم فلا فاصلة ولا كسر يمكنه أن يكتب لك فصل جديد في قصة قديمة.

لا تقلق إنه مساء جديد وأنا بخير، لكني وقبل أن ينتهي اليوم أفكر بحال القصص القديمة المنتهية والتي لا يدري أصحابها أنها انتهت، يعيشونها كل مرة وكأنها لم تنتهي، وكأنها لا تنتهي. اخبرني هل أنت بخير؟ أي الفصول تعيش؟

الثلاثاء 5 يناير 2021

متى؟ ومع من؟ وإلى أين؟ ماذا حدث؟ من يعرف؟

الزمن والأشخاص قطبي المغناطيس المتنافرة والمتجاذبة يجمعها ويفرقها أفراد وجماعات والأوقات المتفرقة.

الاثنين 4 يناير 2021

أكثر دفء مُقارنة بالبارحة، أجدني مسرورا أيضا مقارنة بالأمس، وهذا جيد، ليس للكتابة وإنما الشعور ذاته. إنك لا تستطيع نقل المشاعر ونسخها بين الأيام. كل يوم يحمل شعور مختلف وإن تشابهت الظروف -يكفي تغير حالة الطقس- لتتبدل الأحوال.

هناك مستوى من الشعور لا يمكن الوصول إليه، أراه لكن لا استطيع تجربته وهذا غريب! أن ترى شيء لا تعرفه ولا تدري كيف يمكن أن يكون أفضل ما سيحدث لك أو الأسوأ؟ إن حدوثه للآخرين بدرجات متفاوتة لا يثبت حتمية حدوثه لنا! قول أحدهم “أنت ميت” لشخص يسير على قدميه ويهز كتفيه لمجرد أنه لا يتفاعل بالشكل المناسب كما تفعل المخلوقات الحية، إذ أنه يقيس المسافات ويحاول أن لا يُغضب ربه ووالديه ونفسه وجميع من يهتمون لأمره، إنه انسان وحيّ ويخشى أن يموت رغم أنه لم يصل إلى ذلك الشعور الذي يراه ولا يدري كيف يمكنه الحصول عليه، هي أشياء تأتي إليه لا يستطيع السير نحوها، كالهواء يدخل رئتيه ويزيد من اشتعال النار ويطفئ شمعة، مُختلفة ولا يدري إن كانت ستحييه أو تحرقه أم تطفئ العالم أمام ناظريه.

السعادة هي كل ما أملك هذه اللحظة ولا أدري كيف أوزعها بالتساوي ليحصل القادمين هنا على حصتهم حين يشاهدون هذه الأسطر ويرحلون. إني ممتن لقدومكم كل ليلة إذ أن الكلام هنا يتجدد دون أن أعلن ذلك لأحد، أجد أنه من الأيسر أن انشر الأسطر دون أن ابذل مجهود آخر يجعل الأعين تعيد التجربة. أحب أن اكتب، وأحب أن أكون سعيدا دائما كهذه اللحظة التي أعيشها الآن. خذ هذه سعادتي لهذه الليلة واترك هنا غضبك واستياءك من هذا العالم! ستحصل غدا على نصيب وافر من كل ما تتركه خلفك.

الأحد 3 يناير 2021

لدي الكثير من الكثير ولا اعرف طريقة مناسبة للتقليل منه أو تخزينه للاستفادة منه في حياة أخرى. الذين عاشوا قبلنا ماذا فعلوا بالكثير الذي لديهم؟ هل تركوه خلفهم؟ أين وضعوه؟ هل أترك مالدي أيضا مثلهم؟ وكيف آخذه معي؟

شيء كالرمل ينساب من بين يدي، لا أدري كيف أحافظ عليه، أدور حوله لعلّه يتبعني حين أسير لكنه لا يفعل، أجمع كفيّ معي راجيا أن يتبعني، أن يكون معي لا استطيع أن أبقى هنا ولا يمكن أن أرحل، أدير ظهري فقط، أجول ببصري لا قدمي أرجاء المكان، وهذا الكثير الذي أملكه لا يتحرك ولا يتزحزح! ماذا أفعل؟ أحب التساؤل لا البحث عن الإجابة. أحب الحيرة لا يمكن أن انتقل بسهولة إلى المعرفة والوضوح إذ انتقلت إلى هناك فهي النهاية حيث تذوب علامات التعجب والاستفهام، ولا يبقى هناك سوى النقاط في نهايات الجمل، والحقيقة التي ستشع وربما تذهب البصر ولا يبقى سوى البصيرة. وأنا الخائف المرتعد الذي كان يملأ صدره بفخر عن الكثير الذي طار في لحظة واحدة وبقيت ارتعد مبللا من سؤال واحد: “ماذا فعلت؟ وأين كنت حين كان الآخرين أنا؟”.

في أيام ليست كهذه الأيام، حين كان الهواء يملأ صدرك ويدفعك بعيدا عن السطح حيث لا كلمات تصلك بالأرض، تمسك النجوم بيديك لعلك حين تعود تضعها مع الكثير الذي لم تتمكن من حمله معك، والنجمة الوحيدة التي استطعت أن تمسكها ستكون حين تعود ليست ملك لك، إنها لعائلة أخرى لهم بابهم ونوافذهم التي لا تعنيك وليست كثيرك الذي ظننت أنك تملكه!

هذا العام طويل أليس كذلك؟ مرت ثلاثة أيام بشمسها وليلها وبردها وماتزال درجة الحرارة منخفضة هنا. لا استطيع التحرك بحرية إذ أني ارتدي كل ما أملك من أغطية وما أزال أشعر بالبرد الكثير الذي يتناقص أكثر ويجعلني حزين، هذا البرد يسرق من قلبي البهجة.

السبت 2 يناير 2021

كم خطوة عليّ سيرها لأصل إلى الجنة؟ هل أنا قريب منها؟ هل أسير بالاتجاه المعاكس؟

الجمعة 1 يناير 2021

ششش ماذا تسمع؟ للوهلة الأولى لا شيء أليس كذلك؟ مجددا اخبرني ماذا تسمع؟ اسمع صوت الثلاجة في المطبخ إنها تعمل طوال العام صيفا وشتاء دون أن تغفى بل إنها تستيقظ فور أن يُفتح بابها وكأنها لا تنام. اسمع صوت ضغط أصابعي على لوحة المفاتيح، وبعد أن توقفت عن الكتابة اسمع صوت باب الجيران إنهم يغلقونه بقوة في كل مرة، وكأنه يطردهم منه أو يمعنهم من الخروج مجددا! اسمع أيضا صوت أواني المطبخ أحدهم يصنع مشروب ساخن، إذ أني اسمع صوت بخار الماء يحاول الخروج من حرارة الإبريق واسمع صوت الملعقة تحرك السكر في الكوب أو ربما كان ملعقة من العسل؟ الأكيد أن الملعقة تدور لتذيب الموجود في الكوب. اسمع تقليب صفحات الكتاب الذي اكملت سنة كاملة وأنا أقرأ صفحاته على مهل إنه أكثر من جيّد ولا أريده أن ينتهي. اسمع صوت وصول رسالة على بريدي الالكتروني إنها تهنئة بالعام الجديد لا أشعر بأني المعنيّ في الرسالة رغم توسط اسمي في منتصفها وعنوانها أيضا، كيف يعرف الشخص أن الأشياء التي تصل إليه ليست له؟ عندما لا يستطيع التحدث عنها بصوت مرتفع، عندما يخجل من ذكرها سرا بينه وبين نفسه، هذه أصوات لا اسمعها فهل يسمعها غيري، هل تسمعها أنت؟ هل تسمع شيئا؟ أم أنك لا تملك أذن أو أنك تعيش في فراغ لا ينقل إليك صوت أيّ شيء؟

الخميس 31 ديسمبر 2020

أحب هذا الشعور، شعور الانصات لأحاديث الآخرين. اسئلتهم وإجاباتهم، أحب براءة الانسان فيهم. محاولتهم للانسجام وطريقتهم في إثارة غضب غيرهم من أجل الضحك أو حتى ملء فراغ اليوم. نقاشهم حول من بدأ الحكاية ومن حاول أن ينهيها.

تختلف لهجاتهم وألوانهم وأصواتهم لكنهم يشتركون في الحياة والتواصل وزيادة الأعداد حولهم أو اختيار كثافة حب المقربين فقط. البحث عن انظار المزيد أو شعور بالأهمية وإجابة على سؤال: كم عددهم؟ الذين شاهدوك أو تحدثوا معك. ومابين الخصوصية أو حتى الانتشار تظل فكرة المشاركة مُلحة وحاضرة.

أحب هذا الشعور، ظهوري متصلا في الشاشة دون أن أقوم بأي شيء سوى الانصات والتأمل فقط. لستُ مجبرا على رد فعل معين ولا التعليق ولا حتى هزّ رأسي موافقا أو معارضا إذ أني في الطرف الآخر من العالم ولا ينتظر مني شيء وهذا مريح.

أغلق الشاشة ويختفي العالم. وأعود من جديد مرة أخرى افتح الخريطة وأدور كالليل والنهار أمدد نقطة صغيرة في الخريطة أكثر فأكثر، إنها جزيرة تسبح في المحيط، هناك شخص لا مشاهدين لديه سواي، يعزف بلا انقطاع دون أن يرفع عينيه إلى الشاشة، يجلس أرضا في غرفة صغيرة وبابها مُغلق، يُعلق في ظهر الباب معطف ومظلة، وبجانب الباب علبة كرتونية تبدو وكأنها وجبة لشخص واحد؟ العديد من الكتب والمجلات المتراكمة فوق بعضها البعض بلا مكتبة وإنما تتكوم مكدسة على الأرض. وماذا بعد؟ إنه مايزال يعزف ولا يرفع بصره إلى الشاشة حيث عدد الزوار لديه واحد وهو أنا، لكني لا اكتب شيئا وإنما التهم المكان بنظرة متفحصة، يرفع رأسه أخيرا يخرج من جيبه ولاعة ليدخن، يتوقف عن العزف تمتلئ الغرفة بالدخان الأبيض يحملق في الشاشة يتكلم بلغة لا اعرفها يهزّ رأسه يعود للعزف، انظر لساعة حائط فوق بابه تبدو معطلة إذ أنها منذ بدأ العزف حتى اللحظة لم يتحرك عقرب الثوان ولا الدقائق.

الأربعاء 30 ديسمبر 2020

انتهى الأمر؟ أليس كذلك. أشعر بذلك ومتأكد منه، لكن لا أملك أيّ دليل يمكن رؤيته أو وصفه. إنه مجرد شعور قوي وكثيف. انتهى الأمر كما تنتهي الأيام والأعمار والأحلام. وأغلقت الصفحة التي بنهايتها انتهى الكتاب. وهذه ساعة مابعد النهاية إذ أنك لا تدري ماذا تفعل من جديد. أنت القديم الذي فقد القدرة على التجدد، وعلى البقاء وعلى السير وعلى التوقف وعلى الجلوس. انتهى الأمر ليدفعني أحدهم عن الطريق، ليمسك أحدهم يدي ويخبرني بلطف أن الطريق انتهى وليخبرني أيضا أني لستُ أول واحد ولا الأخير وأني مثل الكثير الذين لم اتمكن من لقاؤهم، الذين حانت نهايتهم وهم يعلقون أبصارهم في طرق غيرهم.

آه الآن فهمت جرس البداية الذي قُرع في أول الطريق كان لي أيضا، ومضات العابرين الذين كانوا يركضون ويتوقفون لالتقاط بعض الأحاديث التي كنت أملأ بها جيوبهم وعقولهم. والتي تتساقط منهم حين يكملون الركض في طرقاتهم التي أراقبها ولم أفكر أن لي طريق آخر، حتى حانت النهاية التي لا أدري لماذا لم استطع قبولها حتى اللحظة.

انتهى الأمر أليس كذلك؟ لكنك لم تستطع أن تخبرني بصوت مرتفع حتى لا توقظ الشخص الحالم فيّ. كما أن يديك قصيرة لا تستطيع الوصول إلى كتفي لتهزها فأنا بعيد عن هذا السطح. لم تستطع أيضا أن تودعني إذ أن النهاية ليست بالوداع وإنما بالانقطاع الذي لا تدري متى حدث إلا حين يكون أكيدا وبعيدا جدا لا يمكن العودة إليه، لا يمكن أن تبدأ من جديد.

انتهى العام ولا يمكن أن تعود السنين إلى الخلف، ولا يمكن أن تعود وحيدا هناك كل الذين بقوا تحولوا إلى رماد.

الثلاثاء 29 ديسمبر 2020

نلحق ضوء الشمس من النوافذ، نتكور ونتمدد حتى تحرقنا ولا يزعجنا ذلك. وحين تغيب نشعر بالحزن وبالفقد، نتلحف أغطية سميكة وثقيلة لكنها لا تشبه الشمس في أيّ شيء.

الاثنين 28 ديسمبر 2020

هذه الحياة ليست لي، اشعر أني أمسكها من أجل أحد ما، لا أدري ماهو ولا أدري إن كان سيأتي! هذه الحياة ليست لي، لا أشعر بأن أنا هو أنا، بل إني مؤقت وسأعود إلى مكان آخر في وقت قريب.

الأحد 27 ديسمبر 2020

أنا شخص ضخم وهذا يجعل كل من حولي صغار جدًا وبعيدين عن مستوى رؤيتي للأمور. أنا مثلهم في كل شيء إلا حجمي وهذا السبب كفيل بأن يجعلني بعيد. لا يمكن الانصات لهم، لا استطيع تبين ملامحهم، ولا مشاركتهم الفتات الذي يسمونه طعامًا.

وقع أقدامي يزلزل الأرض، شهيقي يغير من ترتيب المكان وأما الزفير فهو بعثرة لا يمكن اصلاحها، لذلك يمكنك تخيل ماذا سيحدث لو سعلت أو ضحكت!

أنا شخص ضخم ولا أدري كيف أني طوال الوقت انظر نحو الأسفل، اليوم فقط رفعت رأسي للأعلى فوجدت رأس ضخم يحملق فيّ، إنه عملاق وأبدو له صغيرًا جدًا رغم أني اشبهه في كل الأشياء إلا الحجم.

هذا ما يحدث تمامًا وأنت تقرأ، هناك شخص يروي قصة داخل القصة.

أنت العملاق وأنا الضخم والأحرف هم الصغار.

السبت 26 ديسمبر 2020

رغم أن هذه السطور تكتب الكترونيا إلا أن كل سطر اكتبه ثم اتراجع عنه اشعر بصوت تمزيق ورقة داخلي. وعند مسح سطر آخر أسمع صوت كرمشة الورقة على شكل كرة، والسطر الأخير المحذوف الذي أقفل بعده شاشة الجهاز مستسلما فكل الأفكار لم تعد تطيق الرحيل بعيدا عني. اسمع صوت قلم يتدحرج محاولا السقوط ولا يجد هاوية ليسقط منها فيستمر بالدوران حتى يغلبني النعاس فينتهي اليوم الثالث بلا كتابة.

الجمعة 25 ديسمبر 2020

استيقظت باكرا ومازلت أحمل معي كسل الأمس.

الخميس 24 ديسمبر 2020

مُصاب بعثرة الكتابة، وعثرة القراءة، وعثرة الانجاز بكل أشكاله.

الأربعاء 23 ديسمبر 2020

لستُ في مزاج الكتابة، لم أجد وقت حقيقي لأنعم برفاهية التفكير وتأمل معضلات العالم، إذ لم أنم سوى ساعات قليلة وهذا ليس من شيمي ولا عادتي، أرى الكون حولي عبارة عن وسائد من غيم، اشتاق أن أدس رأسي بين طبقاتها وأنام.

الثلاثاء 22 ديسمبر 2020

هل ستعود؟ قطع الزجاج المتشظية إلى حالتها الأولى؟ هل يمكن ترميم ورق مُحترق؟ أو هل يمكن أن تختفي الورقة ويجد الكلام الذي كتب فوقها طريقه للنجاة؟ أن يقفز في الهواء ويلتصق بأي سطح يشبه الورقة كذاكرة شخص ما؟ بل ما شعور الحرف الواحد الذي يجد نفسه مختلف في كل كلمة مثّل جزء من تكوينها؟ أهو هذه الكلمة؟ أم هي سيرته الذاتية التي تبدأ في جملة وتنتهي في أخرى. وهو يعلم أنه لم يكن ذا معنى لو اكتفى بترتيبه في الأبجدية دون أن يتحرك بين أقرانه، أن يزورهم وهو يعلم أنهم مثله يختلفون ويتشكلون بسبب اقترابهم لا ابتعادهم. إن الحرف الأبجدي الواحد يعيش في قواميس الكلمات مئات وآلاف المرات، يرتدي معنى مختلف ويزهو بنفسه مرة ويشعر بالملل مرة وبالحزن والحيرة مرات ومرات.

خذ مثلا حرف الياء، عاش في النداء ملك حين يصرخ الناس بكل لهفة أو غاضبون منادين يا أيها.. ، وعاش في الحاضر ومايزال يفعل ذلك بكل زهو وافتخار: يركض، يضحك، يلهو، ينام. وهو الحرف الثاني من اسم ايمان، كما أنه يتمدد كقط في كسل وخمول في أهم الأعمال التي يحاول البشر فيها نشر الحق والعدالة كالقاضي والجندي والشرطي والمحامي.

هل ستعود الأحرف وتصطف بجانب بعضها البعض بترتيبها الذي بلا معنى، وهي تعلم أنها صنعت علما ومعرفة ورسائل وشعر وتاريخ وأدب وأحاديث مسموعة ومكتوبة والكثير منها لم يسمع ولم يرى، تلك الكلمات المتشظية في الصدور هل تجد طريقها إلى الابجدية التي بلا معنى ودون أن يدري أحد أنها عاشت وعادت سيرتها الأولى؟

الاثنين 21 ديسمبر 2020

استعد للرحلة حقيبتي ممتلئة بأغراض أظنها ضرورية. هل سأحمل ذات الأشياء إن كنت سأسافر بلا عودة؟ الذين يغادرون للأبد ماذا يضعون في حقائبهم؟ وماذا يتركون خلفهم؟ الذين غادروا وهم يظنون أنهم سيعودون لكنهم لم يعودوا ماذا فقدوا؟ ماذا نحمل معنا في المسافات القصيرة؟ وماذا نريد أن نحمل إلى نهاية الطريق؟ ما الذي نحمله دون ندري لماذا نفعل ذلك؟ ثقيل وبلا فائدة بل إنك حين تحمله تحرص أن لا يراه أحد، لأنك لا تجد تبريرا واضحا لما تفعله، وأنك لا تدري هي الإجابة الفعلية، لكنك لا تريد أن تندم لأنك تركته خلفك ظننت أنك ربما ستحتاجه؟ لكنها ستظل ربما متضاعفه للحد الذي يجعلك تندم على الوقت الذي أمضيته بحمله. لذلك تعوض العمر الطويل بمزيد من التحمّل الذي ستشكر نفسك أنك تحملت قليلا لأنك ربما ولكنها ظلت ربما.

لم أغلق الحقيبة انظر إلى كتاب مصور حملته معي، ماذا لو كانت هذه هي رحلتي الأخيرة التي لن أعود بعدها مجددا، هل كان علي اختيار كتاب آخر بلا صور؟ 

الأحد 20 ديسمبر 2020

يمكنني وصف نفسي بجملة من كلمتين: “مُستعد دائما”. اخبرني فقط عن الوجهة وستجدني أهرول إلى ما بعدها. في كل مرة أصل أجد في الانتظار حِمل ما، لا استطيع التخفف منه ولا أدري ماهو على وجه التحديد! إنه ثقيل ولا يمكن رؤيته.

إني حائر ولا أدري كيف أقطع هذه الحيرة. لا أدري كيف أقبلها واتركها تدور حولي حتى تملّ أو اعتادها. حتى أصل إلى حقيقة شخصية أن الخلق يعيشون مع حيرتهم وكأنهم حملها وليست هي حملهم.

يمكنني وصف نفسي بكلمة واحدة: “مُستعد”. لتصل إلى مرحلة تتردد في قول أيّ أمر لي، لأنك لا تدري إن كنت أرغبه، أم أنه سيبدو وكأنه أمنيتك وعليّ تحقيقها. حتى وإن كانت معروفا فكرت أن تقدمه لي! سيكون معروفك هو الخدمة التي حصلت حتى قبل أن تكمل حديثك.

أشعر بلا شيء، الطقس بارد ولا يسمح لي إلا بفكرة واحدة، متى تشرق الشمس؟ متى يعود الصيف؟

السبت 19 ديسمبر 2020

ماذا تريد في هذه اللحظة؟ لا شيء. ماذا تريد في الغد؟ أيضا لا شيء. هذا الاكتفاء هو كل ما أريد، الامتنان للموجود الذي اعتدته، تدفق الأفكار بلا توقف ثم العودة مجددا لذات الفكرة دون أن تبدو غريبة، إنها انعكاسي في كل الاسطح.

كيف تبدو محاكمات السماء؟ بل كيف تبدو محاكمات الأرض؟ ماشعور الأشخاص هناك؟ ما وزن الحيرة التي تطفو في هواء المكان؟ ماعدد الأوراق والخطوات هناك؟ المواعيد التي تمتد، والانتظار الذي ينتهي بانتظار آخر. والحكم النهائي الذي يأتي متأخرا لكنه يأتي. ما أكبر الحوادث هناك؟ وما أشدها تعقيدا ولا يمكن فهمها؟ أيكون القتل والدين -اقتراض المال- على القائمة؟ أم خصومات الورثة والأموال المأكولة هي الأكثر؟ أم أن ورثة الورثة الذين تكاسلوا في اتخاذ قرارهم والحسم في شبر أرض يملكها الجميع ولا يمكن اقتسامها لأن أحد الكبار الذي مات غاضبا قبل عشر سنين لم يكن ليرضى أن تكون الأرض ملك للآخرين، لأنه حرثها وحيدا وحصدها وحيدا، فكيف يشاركه من لا يعرف شكلا للبذور؟

أهو مكان عادي بالنسبة للحارس والقاضي؟ لكثرة ما تتكرر حكايات الناس هناك؟ لذلك يجدون الحل ببساطة لكل قصة، بل إن المفاجأة والدموع التي تتكرر لم تعد تجد طريقها إلى افئدتهم، كما حدث في سنوات تدريبهم الأولى؟

الجمعة 18 ديسمبر 2020

يشعر أنه مُستهدف وأن الشرور تحدث له وحده، وأن الآخرين في نعيم ويحصلون على كمية قليلة من البؤس مقارنة بما يحدث له. يصمت ليلتقط أنفاسه أو ربما ينتظر ردة فعل عليّ اتخاذها، أجيب بأن الحياة وإن طالت ستنتهي بخيرها وشرها، إن اجبرت على الاختيار فاختر أن تكون الخير في كل المرات ما استطعت. يكمل بأنه المصفوع والذي يهوي للقاع منذ أن ولد حتى هذه اللحظة وهو يسامح ولا ينسى، وهو رائع وسيظل كذلك. أفكر دون أن أقول، أهو حزين وسعيد بذلك؟ أم يشعر بالتميز ولم يجد من يؤكد له ذلك؟ وكيف لي أن اعرف حقيقة ما يتحدث عنه؟ الجانب الذي يراه ولا يمكن أن افهمه.

على الجانب الآخر يمد لي أحدهم كلتا يديه يعرض عليّ بكل كرم أن يرفعني لمستوى أعلى. فأنا في مكان منخفض قليلا ويمكن أن أُدفن بحفنة قليلة من التراب، أو أغرق في قطرة ماء. شعرت بالحرج فوضعت يدي في جيبي قائلا: لستُ بحاجة لذلك، إنّ في الحفرة باب يمكن الخروج منه في أيّ وقت، لكن أرغب الآن في أن أكون هنا، هل أنا خُلد؟ يعيش بنظر ضئيل ويدفن أنفه في تربه رطبة؟

الأشخاص الذين تحدثت معهم اليوم، لا اعرف شكل بؤسهم أو سعادتهم ولا حتى سكونهم أو صخبهم. إنهم يتفاعلون مع المحيط بالقدر الذي تسمح به القوانين الفيزيائية والمزاجية، لا يمكنهم الطيران شبر فوق الأرض إلا باستخدام طائرة، لا يمكنهم رفع إنسان من بؤسه إن لم يمد يديه.

يخبرني أني انظر للأمور بطريقة مختلفة! مختلفة لا تشبه مايراه رغم أننا نشاهد الشيء نفسه، يتعجب! ينفض رأسه كطير ابتل بقطرة ماء، لاتعجبه القطرة، يقول مبتسما أنت تدقق كثيرا وهذا ليس أنا، بل إني أفكر الآن كيف ترى الحياة؟ تضع أمام عينيك مجهر وهذه ليست نظرة واقعية.

الخميس 17 ديسمبر 2020:

ماذا سيحصل بعد قليل؟ ماذا يوجد خلف الباب؟ ماذا يوجد في العام القادم؟ ماذا حدث في الماضي؟ هل ساعرف وجوه الأجداد الذين رحلوا؟ ماذا سيقولون؟ ما هي اهتماماتهم؟ كيف يمضي ليلهم قبل الكهرباء؟ ماذا كانوا يفعلون قبل أن يكون لديهم مزرعة؟ هل فكروا بمن سيأتي بعدهم؟ أم أن المستقبل البعيد لا يعني لهم شيء لأنهم لن يكونوا هناك! إني في هذه الساعة لا أفكر بالقادمين من المستقبل، إذ لا وجود لهم بعد، ولا طريق للوصول إليهم! بينما الماضي لأنه حدث يمكن الوصول إليه، وإن كان مجرد حدث تاريخي هامشي، في أحداث التاريخ العظيمة، كانوا يعيشون ويسمعون بعض الأخبار وإن كانت لا تصلهم بشكل سريع كما يحدث الآن.

هل تكررت أشكالنا؟ أنت حين وصلت إلى هنا لتقرأ هذا السطر قادم من المستقبل أليس كذلك؟ وأنا انظر نحو الخلف لم اتمكن من رؤيتك ولا يمكن أن أخمن أنك قادم.

هنا تصل لنهاية الماضي، وتبدأ مستقبل آخر في صفحة أخرى.